متابعة – محمد الفقي
قال البروفيسور/ عمار كاكا – رئيس جامعة هيريوت وات دبى، أن تير سوق العمل و متطلباته تغيرا بشكل جزرى بسبب الثورة التكنولوجية التى نشهدها حالياً فأصبح من الضروري توفير جيل جديد يمتلك المهارات المطلوبة لمواكبة هذا التطور. فهناك فجوة مهارات تعانى منها الكثير من المؤسسات و الشركات فى الوقت الراهن بين المهارات التي يمتلكها الموظفين حالياً و المهارات المطلوبة فعلياً التى تمكن الموظف من أداء مهامه الوظيفية بكفائة عالية و حرفية
وفي حوار له مع صحيفة \”الخبر24\” أجاب البروفيسور/ عمار كاكا – رئيس جامعة هيريوت وات دبى على النقاط التالية:
من وجهة نظركم ما هى مدى أهمية تصقيل مهارات و معرفة الطلبة فى مجالات الذكاء الاصطناعى و إنترنت الأشياء فى الشرق الأوسط؟
لقد تغير سوق العمل و متطلباته بشكل جزرى بسبب الثورة التكنولوجية التى نشهدها حالياً فأصبح من الضرورى توفير جيل جديد يمتلك المهارات المطلوبة لمواكبة هذا التطور. فهناك فجوة مهارات تعانى منها الكثير من المؤسسات و الشركات فى الوقت الراهن بين المهارات التى يمتلكها الموظفين حالياً و المهارات المطلوبة فعلياً التى تمكن الموظف من أداء مهامه الوظيفية بكفائة عالية و حرفية. و مع هذا التغيير سوف ينتج عن أن 50% من الموظفين سيحتاجون الى إعادة تشكيل مهاراتهم بحلول 2025 و الإعتماد على التقنيات بشكل كامل. أصبح من الضرورة أن تقوم الجامعات و المؤسسات التعليمية برصد هذه الفجوة و العمل على تمكين الطلبة الخريجيين بمجموعة من المهارات المختلفة (المهارات التقنية و المهارات الناعمة) التى ستساعدهم على التصدى لكافة التحديات فى سوق العمل بسبب هذا التحول فى طبيعة الأعمال.
ان الذكاء الاصطناعي وتقنياته الحديثة تمثل الأدوات المستقبلية الرئيسية لتعزيز الاقتصاد المعرفي المستدام والتنمية الشاملة، وإن الحكومات فى الشرق الأوسط تتبنى وتشجع المؤسسات الأكاديمية لدعم طلابها وبناء قدراتهم المعرفية والعلمية والعملية، للارتقاء بمستوياتهم بما يتناسب مع التوجهات المستقبلية العالمية.
هل لمست إقبال الطلبة الجدد و الجيل الجديد على البرامج و الشهادات التعليمية المتخصصة فى مجالات الذكاء الاصطناعى؟
نعم بالطبع فهناك زيادة ملموسة فى إدراك الطالب الجامعي لأهمية هذه المجالات خصوصا فى الفترة الأخيرة حيث زاد الإعتماد على التكنولوجيا و تقنيات الذكاء الأصطناعى المختلفة فى حياتنا اليومية بشكل كبير بطريقة مباشرة أو غير مباشرة و بالأخص بعد الجائحة و بالتالى إنعكس هذا على إعادة تحديد أولويات وإتجاهات الطالب الجامعى فى إختيار البرنامج التعليمى المتخصص والمسار الذى سيقدم له المعرفة والمهارات المطلوبة التى ستساعده على تحقيق حلمه في مجاله المفضل.
مع الثورة التكنولوجيا التى نشهدها حاليا ما هى الوظائف الأكثر طلباً في المستقبل؟
محللو البيانات وعلماء البيانات:
خبراء علوم البيانات مطلوبون في كل مجال تقريبًا ، من الخدمات اللوجستية والتجارة الإلكترونية إلى الرعاية الصحية والخدمات المصرفية. تعتمد ملايين الشركات والجهات الحكومية على البيانات الضخمة للنجاح وخدمة عملائها بشكل أفضل. يزداد الطلب بالفعل على وظائف علوم البيانات وسيستمر هذا الاتجاه في النمو في المستقبل.
متخصصو الذكاء الاصطناعي (AI) وتعلم الآلة (ML):
تم تصميم الذكاء الاصطناعي ليخلق بعضًا من أهم الابتكارات وأكثرها تعقيدًا في هذا القرن. السيارات المستقلة وروبوتات الدردشة والأجهزة المنزلية الذكية كلها تطبيقات وإبداعات لعصر الذكاء الاصطناعي المتطور الذي سيعيد تصميم الطريقة التي نعيش ونعمل بها. في المستقبل ، ستعتمد المزيد والمزيد من الصناعات على الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي مما سيؤدي إلى نمو مذهل في سوق العمل لمتخصصي الذكاء الاصطناعي وتعلم الآلة الموهوبين.
متخصصو التسويق الرقمي:
أصبح المستهلكون اليوم معتمدين بشكل كبير على المنصات الرقمية لأغراض مختلفة مثل التسوق عبر الإنترنت والرعاية الصحية عن بُعد. يزدهر مجال التسويق الرقمي مع نمو أهمية وسائل الإعلام عبر الإنترنت. يحتاج المسوق الرقمي المتميز إلى تفكير تحليلي قوي ، وموهبة للإبداع ، ونهج اتخاذ قرارات من خلال البيانات بمقاييس متساوية. هذا مهم لأن البيانات تتيح لنا الآن نشر حملات تسويقية تزود مستخدمي الإنترنت بمنتجات واتصالات واقتراحات مخصصة.
خبراء إنترنت الأشياء (IoT):
تتوقع شركة أى دى سى أنه بحلول عام 2025 سيكون هناك 55.7 مليار جهاز متصل في جميع أنحاء العالم ، سيتم توصيل 75 ٪ منها بمنصة إنترنت الأشياء. سيتطلب مثل هذا التحول المكثف لإنترنت الأشياء مواهب و امكانيات مطوري إنترنت الأشياء مع مجموعة المهارات ذات الصلة لتشغيل هذه الأجهزة ببرامج وظيفية ، مما يعني شيئًا واحدًا فقط: زيادة الطلب والمزيد من الوظائف لمتخصصي إنترنت الأشياء.
الأمن السيربانى:
عدد الوظائف الشاغرة في مجال الأمن السيبراني مرتفع ويبدو أن الطلب على المتخصصين في مجال الأمن السيربانى سيستمر فى التزايد. تتزايد الهجمات الإلكترونية يومًا بعد يوم ، وعلى الرغم من أننا نسمع فى الاخبار بشكل أساسي عن مثل هذه الهجمات التي تشنها كيانات بارزة ، إلا أنه لا توجد منظمة أو فرد له وجود على الإنترنت محمي تمامًا من مثل هذه الهجمات.
ما أهمية مهارات ريادة الأعمال التى يجب أن يمتلكها الخريجيين والشباب ليكونوا ناجحين في وظائفهم في المستقبل خاصةً فى حين رغبتهم فى تأسيس مشاريعهم الخاصة؟
ريادة الأعمال هي المعرفة والعقلية والقدرة على تحويل فكرة عمل أو عمل محتمل إلى واقع لا يشمل فقط أولئك الذين يؤسسون مشروعًا جديدًا ولكن أيضًا أولئك الذين يوصفون بأنهم مبتدئون في بيئة عملهم. مع نمو اقتصاد الوظائف المؤقتة ، سيأخذ المزيد والمزيد من الشباب زمام المبادرة لإطلاق مشاريع جديدة ممكّنة بمهارات ريادة الأعمال مثل الابتكار والإبداع والاجتهاد وسعة الحيلة والمرونة والفضول والتفاؤل والرغبة في المخاطرة والشجاعة والفطنة التجارية.
هل التحول الرقمى الذى يشهده الشرق الاوسط و الاتمتة سيهدد فرص الوظائف للخريجيين الجدد فى حال لم يتاح لهم الفرص الكافية لصقل مهاراتهم؟
بلا شك ان الفجوة سوف تنعكس على فرص الطلبة الخريجيين لإيجاد وظيفة مناسبة إن لم يتم إصقال مهاراتهم بالشكل الكافى. لذلك فإن من اولوياتنا إتاحة مناهج تعليمية مرنة و متطورة و برامج متخصصة للطلبة تضمن تأهيل جيل من الخريجيين لمواكبة تحديات سوق العمل الذى يعتمد بشكل كبير على الرقمنة و الذكاء الإصطناعى. بالتالى لن يجد الطالب صعوبة فى مواجهة متطلبات سوق العمل أو انجاز مهامه الوظيفية بكفائة عالية. أكدت الدراسات أنه سيتم الاستعاضة عن 75 مليون وظيفة في 20 اقتصاداً رئيسياً بالتقنيات الناشئة بحلول عام 2022، فضلاً عن إنشاء 133 مليون وظيفة جديدة من خلال تطورات التكنولوجيا المشهودة.
من الشائع أن معظم المهارات المطلوبة لوظائف الثورة الصناعية الرابعة هي مهارات صعب إكتسابها للشباب و الطلبة والشابات في الشرق الأوسط، فما هي طرق تفادى هذه الظاهرة؟
لقد أصبح اكتساب المهارات المختلفة تحدى للطلبة والخريجيين لمواكبة متطلبات سوق العمل المتغيرة وللتغلب على هذه الظاهرة وتداركها فقد أخذت المؤسسات التعليمية والجامعات على عاتقها مهمة إعادة تصقيل مهارات الموظف الحالى والطالب حديث التخرج لتمكينه لمواجهة تحديات سوق العمل وهذا عن طريق إتاحة برامج وشهادات تعليمية متخصصة وتقديم أحدث الأساليب التكنولوجية فى البحث العلمى ومن خلال هذه البرامج التعليمية يتيح للطالب أو الخريج الفرصة للعمل على مشاريع وأبحاث علمية خاصة بمجال دراسته تساهم فى تنمية مهاراته الناعمة مثل التفكير النقدى ومهارات التواصل وحل المشكلات بالإضافة الى تصقيل معرفته فى المجال الذى يدرسه وإتاحة الفرصه لتنفيذ أفكاره وابتكاراته على أرض الواقع فى بيئة مناسبة. بالإضافة الى تقديم الحلول والمناهج المرنة للطلبة لتناسب اسلوب حياتهم.
على سبيل المثال وليس الحصر أطلقت جامعة هيريوت وات \”هيريوت وات أونلاين\” حيث يختلف عن مناهج التعليم الأخرى حيث يتم تقديم دورات مخصصة تسلط الضوء على القضايا الرئيسية وفجوة المهارات التي ترصدها الشركات والمؤسسات. تشمل المبادرة دورات الماجستير في موضوعات متخصصة مثل التحول الرقمي وتحليلات البيانات وإدارة سلسلة التوريد والخدمات اللوجستية جنبًا إلى جنب مع درجات البكالوريوس والتدريب المهني ، وتعمل مع الشركات على إنشاء دورات تدريبية مصممة خصيصًا لتلبية احتياجات المهارات الحالية والمستقبلية والمشاركة فيها. ستطلق \”هيريوت وات أونلاين\” 20 دورة ماجستير إضافية على مدار السنوات القليلة المقبلة والتي تستهدف الصناعات الناشئة مثل المستقبل المستدام وإنتقال الطاقة وعلم نفس إدارة الأعمال.
ستتمكن الجامعة من دعم المؤسسات لإحتياجات القوى العاملة فى التنمية من خلال النهج الجديد والتعليم التطبيقى القائم على الأعمال. وتعكس الدورات الجديدة مثل ماجستير الاستدامة وإنتقال الطاقة التركيز الذي تضعه العديد من الشركات على أهمية صافي الانبعاثات الصفري. أما الشركات فيجب عليها أن ترصد المشكلات والتحديات للتدخل فى الوقت المناسب والحفاظ على الكفائات الحالية والقدرة على جلب الكفائات المناسبة للعمل على تحقيق رؤية الشركة وزيادة الإنتاجية.
هل تلبي المؤسسات الأكاديمية متطلبات سوق العمل؟ و ما هى السبل؟
بالطبع أصبحت المؤسسات الأكاديمية والجامعية على دراية كاملة بمتطلبات سوق العمل وأصبحت تعمل جنباً الى جنب بصفة مستمرة مع الشركات والمؤسسات لرصد أى تحدى كما أصبحت القدرة على رصد أي فجوة فى المهارات المطلوبة فى سوق العمل والعمل على التصدى لها شىء أساسى لإتاحة أساليب حديثة ومتطورة للطلبة الحاليين وحديثى التخرج والقدرة على سد هذه الفجوة بالإضافة الى تقديم الدعم للمؤسسات والشركات وتوفير الكفائات اللازمة والقادرة على إتمام المهام الوظيفية على أكمل وجه فى جميع المجالات المتخصصة.
فالتعاون المستمر بين المؤسسات التعليمية ورواد الصناعات المختلفة أصبح غايةً فى الأهمية لحل جميع المشكلات الطارئة. توفر المؤسسات الكاديمية والجامعات الفرص للطلبة والخريجيين لتنمية مهاراتهم الناعمة ومهاراتهم التقنية من خلال مشاريع عملية يستطيعون من خلالها تطبيق دراستهم على أرض الواقع بالإضافة الى المجالات البحثية الاخرى مع توفير الموارد الضرورية لتجربة علمية فريدة, متطورة ومبتكرة.